اكتب و إن كنت لا أدري كيف ستكون الكلمات؟ اكتب و ربما لا أصدق أن ما قرأته و رأيته و سمعته حقا كما أري الشمس في وضح النهار,اكتب ولا أكاد أتخيل أن هذا ربما قد يحدث معي أو معك في يوم من الأيام,و حينها و صدقا لا أعلم كيف ستكون ردة الفعل؟و برغم عجزي عن صياغة حروف تصور هذا المشهد المؤلم , إلا أن الكلمات أيضا تقف عاجزة أمام هذا الرجل , والذي يضرب مثالا في الصبر و الثبات و الولاء لله و رسوله و هو يري ابنه الأكبر و فلذة كبده و الذي تربي في بيت إسلامي طاهر و نقي يولي وجهه شطر الموساد, فيعلن براءته منه و يخطها بيده في رسالة ورقية من داخل سجنه .
ألم شديد يحز في النفس بكل تأكيد, و قلب يبكي علي إنسان غرته الدنيا و زخرفها و ازينت له بعد شياطين الجن شياطين الإنس من بني صهيون , فألبسته رداء الخيانة و أضحت تعريه و في ظنه أنه أصبح يرتدي لباس السلام و حب الوطن إن أحسنا به الظن
ها قد أصبحت الطامة طامتين
الأولي : ترك دين الهداية و الإسلام و ارتد عنه و كفر بتعاليمه و اعتنق النصرانية
الثانية : خيانته لبلده و أهله و وطنه و تعامله مع جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) لفترة من الزمن كما أوردت ذلك صحيفة هأرتز الإسرائيلية و مساهمته في إنقاذ حياة رئيس الكيان الصهيوني الحالي و وزير خارجيته في ذلك الوقت شيمون بيريز , و التعاون ضد المجاهدين من بني جلدته و دينه سابقا كما كشفه بنفسه لصحيفة "الصنداي تليجراف" البريطانية في 28 فبراير .
العجب ليس في ذلك, فهناك كثيرون تنصروا و هناك فيلق كبير للخونة و العملاء , بل قل إن العجب أيضا لم يأتي لكونه ابن قيادي و مجاهد في حركة المقاومة الإسلامية حماس , و التي دفعت الكثير من قادتها قبل أبناءها من أجل حرية هذا الشعب , لكن العجب أن تري والده و هو في سجون الإحتلال و برغم ما فيه من ألم و بعد عن الأهل و الأحباب ,و برغم موقعه القيادي يتبرأ من ابنه الذي رباه و حن عليه و تعب من أجله حتي أصبح شابا تنظر له العيون , ليخرج ورقة و يكتب بقلم صابر..
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ (التوبة: من الآية 114) انطلاقًا من موقفنا المبدئي، وفهمنا لديننا، وما تمليه علينا عقيدتنا، وبناءً على ما أقدم عليه المدعو "مصعب" مَن كُفرٍ بالله ورسوله، والتشكيك في كتابه، وخيانةٍ للمسلمين وتعاونٍ مع أعداء الله، وبالتالي إلحاقِ الضرر بشعبنا وقضيته.
فإنني أنا الشيخ حسن يوسف داوود دار خليل وأهل بيتي (الزوجة والأبناء والبنات) نُعلن (براءةً تامةً جامعةً ومانعةً) من الذي كان ابنًا بكرًا، وهو المدعو "مصعب" المغترب حاليًّا في أمريكا، متقربين إلى الله بذلك وولاءً إلى الله ورسوله والمؤمنين.
سائلاً المولى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة، وأن يهدي الجميع إلى سواء السبيل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم الشيخ حسن يوسف
الإثنين 16 ربيع الأول 1431 هـ
وفق 1 آذار 2010 م
سجن النقب
انتهت الرسالة أو البيان ليظهر أن الولاء لله و رسوله يعلو كل شئ حتي لو علي الأبناء , انتهت لنري أمام أعيننا مثالا و نموذجا لرجل من بين أظهرنا يبتلي أشد الإبتلاء و لكنه يصبر و يحتسب . انتهت ككلمات و لكن مردودها أكبر داخل الشارع الفلسطيني و العربي و في نفوسنا جميعا . فقد أكبره القوم حتي الفرقاء من فتح شعر بعض منهم بحجم ما به فلم يشمتوا و طلبوا له الدعاء , و كم نتمني أن نري بأعيننا فرقاء الأمس أخوة اليوم , لأن الوطن أكبر و العدو أخبث .
و عزاء شيخنا , أنه علي نهج الأنبياء يسير , فقد سبقه في ذلك نبي الله نوح حينما ابتلي في ابنه "وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ..." سورة هود
فقد ابتلي سيدنا نوح مثل هذا الإبتلاء , و لكن علينا الدعاء و علي الله الإجابة و الهداية
وصدق رسولنا الكريم صلي الله عليه و سلم حين يقول : " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. "
فاصبر شيخنا , فإن مع العسر يسرا , إن مع العسر يسرا.
فرج الله كربكم و عن الأسرة و الأهل و رد الله ابنكم إلي دين الإسلام ردا جميلا و فك أسركم و عوضكم خيرا و أبدلكم سعادة قريبة بإذن المولي ,,
و جزاكم الله بصبركم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ورضا من الله عليكم دوما
و أبدا